ممّا لا شكّ فيه أنّ استخدام شبكات التّواصل الاجتماعي مثل
«Facebook» و»Twitter» و»Google+» وكذلك المدوّنات «Blogs»، قد تزايد على
مدار السّنوات القليلة الماضية في العالم كلّه بوجه عام وفي المجتمعات
العربية بوجه خاصّ. فعلى سبيل المثال، يُقدّر عدد مستخدمي شبكة التّواصل
الاجتماعي الأشهر في العالم وهي الـ «Facebook» حالياً بأكثر من 800 مليون
مستخدم. أمّا بالّنسبة للعالم العربي، فتشير الإحصائيات إلى أنّ عدد
مستخدمي الـ «Facebook» يُقدّر بحوالي 32 مليون مستخدم. ويُقدّر عدد
مستخدمي الـ «Facebook» في السّعودية بنحو 2.5 مليون مستخدم من أصل 5
ملايين في دول الخليج.
ولم يعد دور شبكات التّواصل الاجتماعي قاصراً على التّواصل مع
الأصدقاء وتبادل النّقاشات الاجتماعية والسّياسية فحسب، بل إنّ دورها
تجاوز ذلك بكثير حيث بدأت شركات عديدة في استغلال هذه المواقع للتّرويج
لمنتجاتها وللتواصل مع الجمهور المستهدف، كما استخدمتها الحكومات كذلك لنشر
البيانات والمعلومات وتلقي الآراء والتّعليقات من قِبل أفراد المجتمع.
أمّا على الصّعيد الأكاديمي فقد بدأ الكثير من أعضاء هيئة
التّدريس في الجامعات العالمية والعربية باستخدام هذه الشبكات للتّواصل مع
الطلاب من أجل خلق بيئة تعليمية شفافة وتفاعلية يكون فيها الطّالب عنصراً
فاعلاً يشارك في المسؤولية، وليس مجرّد متلقِّ سلبي لمعلوماتٍ يلقنه إياها
المعلِّم في القاعة الدّراسية.
ولكن ما هي الطّرق التي يمكن لعضو هيئة التّدريس أنْ
يستخدمها من خلال الشبكات الاجتماعية لبناء المقرر الدّراسي وتطويره
والتّواصل مع الطّلاب وأخذ التّغذية الرّاجعة «feedback» منهم؟
إنّ الإجابة على مثل هذه التّساؤلات تتلخص في النّقاط التّالية:
- قبل بدء تدريس المقرّر يمكن للمعلِّم أنْ ينشئ صفحة على أحد
المواقع الاجتماعية يشترك فيها الخبراء والطّلاب المهتمون ويقوم بأخذ
آرائهم ممّا يساعده على تحديد المحتوى وصياغة الأهداف للمقرّر.
- أثناء تدريس المادّة يقوم الأستاذ بتحميل مكوّنات المادّة،
مثل المنهج الدّراسي وطريقة التّقييم والمصادر والمراجع وشرائح العرض
والواجبات والإعلانات المختلفة.
- إجراء المناقشات التّفاعلية «online discussions» حول الموضوعات المهمّة.
- تقسيم الطّلاب إلى مجموعات في حالة المهام الجماعية مثل المشروعات.
- إرسال رسائل إلى فرد أو مجموعة من الطّلاب عن طريق الملف الشّخصي عند الحاجة.
- تسليم واستلام الواجبات والمهامّ الدّراسية الأخرى.
- يمكن استخدام بعض أدوات الشّبكات الاجتماعية مثل أيقونات
«like» و»comment» في الـ «Facebook»، لأخذ رأي الطّلاب حول مكونات
المادّة.
وممّا لا شكّ فيه، فإنّ استخدام الشّبكات الاجتماعية في
التّعليم له العديد من المميزات التي من ضمنها: توسيع دائرة المتعلّمين
بتوفير سهولة التّواصل بينهم وبين المعلِّم، وكذلك نشر الثّقافة التّقنية
وتوسيع مدارك الطّلاب بإطلاعهم على أحدث المستجدات في مجال دراستهم.
وأخيراً إعطاء الفرصة لبعض الطّلاب الذين يعتريهم الخجل عند
مواجهة المعلم للتّعبير عن آرائهم كتابة ممّا قد يساعدهم على الإبداع. بل
إنّ هذا من شأنه أنْ يحقق فوائد اجتماعية واقتصادية أيضاً تتمثل في خفض
الإنفاق على القاعات الدّراسية والمباني الجامعية والأدوات والوسائل
التّعليمية، والتّقليل من الكثافة المرورية في شوارع المدن، والحفاظ على
البيئة بالتقليل من الاستخدام الورقي والطباعة.
غيرَ أنّه قد تكون هناك بعض العيوب لاستخدام شبكات التّواصل
الاجتماعي في التّعليم. فعلى سبيل المثال، ربما ينطوي استخدامها على انتهاك
للخصوصية، حيث يوجد ملف شخصي لكلّ طالب يحتوي على معلوماتٍ عنه وعن مكان
وجوده ونشاطاته وميوله، وقد يُساء استخدام هذه المعلومات في حالة كشفها
لأشخاص غير موثوق بهم. وكذلك فإنّ استخدام الإنترنت في التّواصل يقلّل بدون
شكّ من المواجهة المباشرة والشّخصية بين المعلّم وطلابه، والتي تكون
أحياناً مهمّة لإيجاد علاقة قوية ومستديمة بينهما. وأحد العيوب المهمّة هو
أنّه ربما يكون هناك مجال للغشّ إذا تمّ استخدام الملف الشّخصي لأحد
الطّلاب من قِبل طالب آخر غير صاحب الملف.
وأخيراَ فإنّ زيادة عدد السّاعات التي يقضيها الطّالب أمام جهاز الحاسوب قد تؤدي إلى بعض المشاكل النفسية أو الاجتماعية.
وعلى الرّغم من هذه المساوئ القليلة فإنّ المزايا تبدو أكثر
بكثير، ممّا يدعونا للاعتقاد بأنّ دور الشّبكات الاجتماعية في التّعليم سوف
يستمرّ، بل سوف يزداد ويصبح أكثر تطبيقاً وانتشاراً في السّنوات القليلة
القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق